التصميم هو اللغة الصامتة التي تُترجم مشروعك وجودته. وهو الطريقة التي نُعبّر بها عن أفكارنا واستراتيجياتنا، واللباس الذي يُظهر جمال التطوير ويُوّضح قوته للعالم. في هذا المقال، سنناقش كيف تعكس الهوية البصرية الاستراتيجية وكيف يمكن أن تؤثر على مظهر مشروعك.
الهوية البصرية يجب أن تعكس في الاستراتيجية
أهمية الانطباع والمظهر الخارجي:
الانطباعات الأولى مهمة جداً. كما يقول المثل الشهير “الناس يحكمون على الكتاب من غلافه”، وينطبق هذا القول على العلامات التجارية أيضاً.
هذه الانطباعات ليست مجرد صدفة؛ بل هي نتيجة لعوامل متعددة نلاحظها بدون وعي، فالجزء الواعي من العمليات في الدماغ لا يمثل سوى 10%. ولذلك قد لا نلاحظها بشكل مباشر
وقد توصلت الدراسات الحديثة إلى أن الانطباعات الأولية تتشكل بناء على بعدين أساسيين:
- المظهر العام (Valence): الإيجابية أو السلبية المدركة من الوجه.
- الهيمنة (Dominance): القوة أو السلطة المدركة من ملامح الوجه.
ولذلك فإن المظهر العام أو التصميم والهوية البصرية شيء مهم جدا لكسب الانطباع الجيد عنك والثقة بك وبمشروعك
الهوية البصرية ليست للجمال فقط بل لنقل رسالة
التصميم الجيد لا يعبر فقط عن الجمال؛ بل يترك انطباعاً قوياً ودائماً لدى الجمهور. إذا كان التصميم غير جذاب أو لا يعبر عن استراتيجية المشروع بوضوح، فقد يخسر المشروع فرصاً ثمينة لجذب العملاء وكسب ثقتهم.
ولذلك يعبر عن الهوية البصرية أنها مثل الجبل الجليدي الذي يظهر جزءاً صغيراً منه فقط. قال الله تعالى: “وَجَعَلْنَا الْجِبَالَ أَوْتَادًا” (النبأ: 7)، والوتد لا بد أن يكون جزءاً منه داخل الأرض. بدون الجزء السفلي، لا يكون الجبل وتداً قوياً، وأي رياح قد تقتلعه تماماً. التصميم هو الجزء العلوي الظاهر، أما الجزء الباطن فهو الاستراتيجية. كل شيء تفعله ولذلك فأن كل شيء لا يراه الجمهور يجب أن ينعكس في التصميم.
فكل تغير أي كان في المشروع يجب أن يتبعه تغير في التصميم والهوية البصرية وهذا فصلناه بكتيبنا المجاني عن أسباب التطوير مع الأمثلة عليه ولكن باختصار:
- تغيير الإدارة = تغيير في التصميم
- تغيير المنتج = تغيير في التصميم
- تغيير الاستراتيجية = تغيير في التصميم
- تغيير الفئة المستهدفة = تغيير في التصميم
- تغيير التموضع = تغيير في التصميم
لن نكتفي بالكلام النظري بل سنأخذ أمثلة واقعية على ذلك
مثال على انعكاس الاستراتيجية في الهوية البصرية
أحد المشاريع التي عملت عليها مؤخرا فريتر- Frater، من أهم الأمور في الاستراتيجية أنهم يملكون مصداقية وشفافية عالية وأيضا نسبة تنقيتهم للمياه مرتفعة بشكل كبير وهذا بشهادة العملاء أنفسهم لدرجة جعلت أحد العملاء لديهم يقوم بتزويج المدير ابنته لشدة اعجابه بإتقانه وأمانته!! وهذا من عجائب ما رأيت
أكثر ما أردنا التعبير عنه:
الشفافية – الوضوح – اللطف – الصحة – الرعاية
فبدأت بعكس هذه الأمور بصريا وتحويلها من قيم مجردة مكتوبة إلى أمور بصرية تشعرك بها وتجعلك تأخذ انطباعا أوليا بما نريده فعلاً
فقمنا بعكس:
- الشفافية والوضوح: اخترنا اللون الأزرق الذي يعبر عن الثقة وله علاقة بالصحة والرعاية.
- الملمس الشفاف المائي: يعكس النظافة والوضوح.
- الشعار البسيط: بخط لطيف غير حاد وفيه انحناءات كبيرة ليعبر عن اللطف والرعاية.
هذه الاختيارات لم تكن عشوائية، بل تمت بناءً على دراسات تثبت أن هذه العناصر تعبر عن القيم التي نريد إيصالها.
مثال عالمي لانعكاس الاستراتيجية في الهوية البصرية
Wework هي علامة تقوم بتهيئ مساحات للعمل وتأجرها لأصحاب الأعمال فما عليك أنت إلا أن تأتي بنفسك وسترى كل شيء مهيئ لك ولفريقك
أرادوا عكس هذه الفكرة بصريا .. فماذا فعلوا..
قامو باعتماد أسلوبين من الرسم:
أسلوب يعبر عن الأغراض الثابتة وهو أسلوب الرسم الفيكتور
وأسلوب يعبر عن العملاء لديهم وهم متغيرون يذهب شخص ويأتي آخر فعكسوه بأسلوب الرسم اليدوي
فكما ترون هنا الطاولة مرسومة بطريقة الفيكتور وأما الأشخاص وأغراضهم الشخصية فهي مرسومة بطريقة يدوية لتعبر عن الثنائية هذه التي عكستها بصريا بهذه الطريقة
التصميم كأداة استراتيجية
التصميم ليس مجرد شكل جميل؛ بل هو أداة استراتيجية تعبر عن هوية المشروع وقيمه. العلامة التجارية هي قسمان: جزء خفي يمثل الاستراتيجية وجزء علوي ظاهر يمثل التصميم. في هذا المقال، ركزنا على أهمية التصميم كجزء علوي يعكس الاستراتيجية الخفية. ووضعنا مثالين مثال من عملي ومثال آخر من علامة عالمية
في النهاية، يجب أن نتذكر أن التصميم هو الواجهة التي يراها الجمهور، وهو الأداة التي تستخدمها للتواصل معهم وإيصال رسالتك. يجب أن يكون كل جزء من التصميم معبراً عن قيم المشروع واستراتيجيته بشكل دقيق وفعّال.